خلاف بين وزير الأمن القومي وبين قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، وكذلك مع النيابة العامة، حول إدارة قسم السرية الذي تُحفظ فيه أكثر المعلومات حساسية في مجال التحقيقات الجنائية وغيرها، أدى إلى الإفراج مع تقييد إلكتروني عن رئيس أقوى منظمة إجرامية في إسرائيل.
الوزير، الذي يحاول إحداث تغييرات جذرية في كل قضية تصل إلى مكتبه، قرر أنه يريد سحب الصلاحية على قسم السرية من مكتب المستشارة القانونية للحكومة، ومن النيابة العامة، ومن قسم التحقيقات والاستخبارات في المقرّ القطري للشرطة. ووفقًا لما نُشر قبل عدة أشهر، فقد قرر الوزير أن يوقّع هو أو من ينوب عنه على كل دليل تُقرر شعبة التحقيقات أنه يجب أن يبقى سريًا ولا يُكشف للمتهمين أو لمحاميهم.
عادةً ما تتضمن هذه المواد معلومات حساسة عن مخبرين للشرطة، ومسارات الوصول للمشتبهين، وطرق جمع الأدلة وغيرها.
وبذلك يسعى الوزير لتغيير الوضع القائم حتى الآن، حيث كانت المهمة تُسند لضابط مسؤول في المقر القطري عبر مناقصة مشتركة بين الشرطة وممثلي النيابة.
ومؤخرًا، عندما انتهت فترة الضابط المسؤول، أبلغ الوزير المستشارة القانونية للحكومة أنه يريد أن يكون شريكًا في المناقصة بحيث لا تمر إلا بموافقته.
هذا القرار أثار غضب الجهات المعنية في الشرطة ووزارة العدل، لأن الوضع الجديد يتيح للوزير الاطلاع على معلومات شديدة الحساسية حول التحقيقات الجنائية، وخاصة تحقيقات “الياقات البيضاء” ذات الطابع السياسي.
وإذا تمت الاستجابة لطلبه، فسيتمكن من الاطلاع على الأدلة الأكثر سرية في القضايا المصنفة، لكن الخشية الأكبر هي اطلاعه على أدلة في ملفات تخص وزراء يخضعون للتحقيق، ورؤساء سلطات محلية، ومسؤولين عامين، ومن بينهم مقربون منه أو وحتى خصومه.
الوزير رفض كل مقترحات التسوية التي تتيح استمرار عمل القسم كالمعتاد، إلى حين التوصل لاتفاق دائم.
وبذلك، أصبح قسم السرية معطّلًا منذ أشهر طويلة، وممثلو النيابة يقفون عاجزين أمام المحاكم: فمن جهة يطالب الدفاع بالحصول على كل مواد الأدلة، ومن جهة أخرى النيابة غير قادرة على منعهم بسبب غياب شهادات السرية التي كانت تصدر عادة من المقر القطري ومكتب المستشار القضائي للحكومة.
في القضية التي يُنسب فيها للمتهمين ابتزاز عنيف لصاحب صيرفة في تل أبيب، تطلب النيابة اعتقالهم حتى انتهاء الإجراءات، بينما يطالب المحامون بالحصول على كامل مواد الأدلة للدفاع عن موكليهم.
لكن النيابة ترفض تسليم جزء من الأدلة بحجة أنها ستكون خاضعة للسرية حالما يوقّع المسؤول، إلا أنه لا يوجد مسؤول ولا شهادات في هذه المرحلة.
القاضي حذّر النيابة أنه في حال عدم وجود شهادة سرية، أو عدم تحويل كامل المواد للدفاع، فسيُعتبر ذلك مساسًا بمبدأ “الدفاع العادل”.
حضرت ممثلات النيابة إلى المحكمة وأوضحن أن الأزمة الإدارية ما زالت قائمة وبالتالي ليست بحوزتهن شهادات سرية، لكن لا نية لكشف المعلومات السرية التي أدت إلى فك لغز القضية.
وادعت النيابة أن المواد السرية لا تمسّ بالدفاع، لكن القاضي لم يتقبل ذلك.
صعد محامو الدفاع واحدًا تلو الآخر للدفاع عن حقهم في الحصول على كامل الأدلة.
وطُرحت ادعاءات عديدة عن أن القضية ظرفية، وأن الدولة حصلت على مهلات ولم تُصدر شهادات، وأنه لا توجد قائمة محدثة لمواد التحقيق.
القاضي قال في قراره إن الدولة لا تملك شهادة سرية بعد أن نُقلت الوثائق لوزارة الأمن القومي لتوقيع الوزير ولم تحصل على الشهادة، وأكد أن بين المتهمين قاصرين وأن غياب السرية يمسّ بشدة بحقوقهم، مضيفًا أن ادعاء الدفاع بشأن “الدفاع العادل” له ما يبرره.
وأوضح القاضي أن إلغاء لائحة الاتهام خطوة قاسية، لكن الظروف تتطلب فرض عقوبة على الدولة، مع السماح لها بمواصلة محاولاتها لإصدار شهادة السرية، وقال:
“أرى أنه من المناسب الإفراج عن المتهمين تحت رقابة إلكترونية”.
وأشار القاضي إلى تجاوز الحاجة لتقارير الاختبار لأن القرار لا يستند إلى خطورة المتهمين بل إلى العيوب الإجرائية.
تأجل الإفراج لمدة يومين حتى 19 نوفمبر، حتى تدرس النيابة إمكانية الاستئناف للعليا، وبالتوازي ستفحص وحدة السوار الإلكتروني ملاءمة كل متهم، بينما يُحضّر المتهمون مبلغ الكفالة – 50 ألف شيكل لكل واحد.





