ورثة يرفعون قضية ويطالبون بمئة وخمس دونمات ارض ويطالبون بإلغاء اتفاقية توزيع أراضٍ استنادا على وثائق انتدابية وإرث شرعي
في خطوة قانونية لافتة غير مسبوقة، تقدّمت مجموعة من الورثة من إحدى العائلات العربية في الجليل الشمالي بواسطة طاقم مكتب المحامي حسين علي زغيَّر، بدعوى مدنية أمام المحكمة المركزية في نوف هجليل، يطالبون بقطعه أراضٍ تبلغ مساحتها 105 دونم من أصل أكثر من 500 دونم، ويطالبون بإلغاء اتفاقية توزيع وُقعت بين دولة إسرائيل وبلدية محلية عام 1991، مدّعين أنها سلبت حقوقهم التاريخية خلافًا للقانون، وتجاهلت وثائق رسمية تعود لعهد الانتداب البريطاني والتي تثبت بشكل قاطع ملكيه الارض.
ترتكز وتستند الدعوى إلى وثائق رسمية من عهد الانتداب البريطاني، خرائط مساحية، تقييدات قانونية، وسندات ملكية تاريخية موثّقة تُثبت حق العائلة في مساحة تقارب 105 دونم من القسيمة، وهي تُعد من أكبر وأقدم الأملاك الخاصة في المنطقة، وتؤكد أن هذه الأرض كانت، وما زالت، ملكًا خاصًا لعائلات من سكان البلدة – وأن ما تم عام 1991 هو انتهاك صارخ لحقوق الملكية، وتجاوز غير قانوني لأحكام قانون الأراضي، وقانون العقود، وحتى الدستور الإسرائيلي نفسه.
يعتمد المدّعون على سلسلة من الأسس القانونية المتينة، بدايتها كانت في الحقبة العثمانية، حينما كان تسجيل الأراضي يتم وفقًا لمبدأ الملكية الجماعية والفردية، مرورًا بعهد الانتداب البريطاني الذي احتفظ بنظام التسجيل العثماني، وأضاف إليه خرائط مساحية دقيقة وتقييدات تُحفظ في السجل العقاري، ووصولًا إلى القانون الإسرائيلي المعاصر، وخاصة المادة 3 من قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، التي تنص على حماية حق الملكية باعتباره من الحقوق الدستورية العليا.
يشير المدّعون في دعواهم إلى أن الأرض موضوع النزاع تم تسجيلها باسم “المندوب السامي البريطاني”، لكن مع تقييد قانوني واضح يشير إلى أنها “لصالح المدعوين مجموعة من الورثة “، وهو ما يوازي قانونيًا تقييدًا تحذيريًا مُلْزمًا يحفظ للمواطنين حقهم التاريخي في الأرض، ويمنع نقلها دون موافقتهم أو تعويضهم.
تتضمن الدعوى تفصيلًا دقيقًا لبنود الاتفاقية التي وُقّعت بتاريخ 03.09.1991، والتي – بحسب المدّعين – نُفذت بشكل أحادي الجانب، وتجاهلت حقوق ورثة أصحاب الملكيات الأصلية، إذ نقلت 271 دونمًا إلى البلدية، وتنازلت عن باقي الأرض لصالح الدولة، دون تسوية الحقوق أو فتح إجراءات قانونية شفافة، دون الرجوع إلى أصحاب الحقوق الأصليين، ودون إجراء مفاوضات قانونية أو إعلان مناقصات أو حتى إشعار السكان، ان هذه “اتفاقية مشبوهة، باطلة من الناحية القانونية، ومخالفة للأخلاق والنظام العام”.
يدّعي المدّعون أن الاتفاقية تمّت في ظروف غير عادلة، وأن الدولة والبلدية تصرفتا بشكل يُخالف المبادئ الدستورية الأساسية، مثل حسن النية، المساواة، والإدارة السليمة، بل إن الدعوى تتضمن إشارات إلى احتمال وجود اتفاقات سرّية بين الدولة وصندوق “ككال” (كيرن كايمت ليسرائيل) تتعلق بتبادل أراضٍ وتسديد ديون عبر الاستيلاء على أراضٍ في الجليل، ومن ضمنها أراضي القرية.
توضح لائحة الدعوى أن بناء مشاريع سكنية على الأرض تم دون احترام حقوق الملكية المسجلة باسم الورثة، بل وبتشجيع من البلدية، التي سعت لتثبيت ملكيتها رغم معرفتها المسبقة بوجود تقييدات انتدابية وحقوق موروثة قائمة.
تم توثيق حالات بناء وتخطيط دون إذن شرعي أو قانوني من أصحاب الحقوق، في مخالفة صريحة للمادة 27 من قانون الأملاك العقارية، التي تؤكد أن الشريك في الملكية ليس له أن يتصرّف بأي جزء من العقار دون موافقة الشركاء الآخرين.
وتشير الدعوى إلى أن هذا التصرّف يُعدّ نموذجًا صارخًا لـسوء استخدام الصلاحيات العامة من جهة حكومية، التي تصرّفت وكأنها جهة تشريعية، بينما القانون يمنعها من التصرف خارج اختصاصها.
تذهب الدعوى الى أبعد من الجوانب القانونية، لتطرح سؤالاً كبيرًا حول حقوق المواطنين العرب في إسرائيل، ومدى احترام الدولة لحقوقهم التاريخية والموثقة، وخاصة تلك التي تم تسجيلها في عهود سابقة.
إن المساس بحقوق العائلة، كما تقول الدعوى، هو انتهاك صارخ للنظام العام التعاقدي وللثقة التي يجب أن تسود بين المواطن ومؤسسات الدولة.
في تعقيب له على الدعوى صرّح المحامي حسين علي زغيَّر، وكيل المدّعين:
“نحن أمام قضية حقوقية تاريخية، تستند إلى وثائق رسمية لا يمكن الطعن في صحتها، من بينها سندات ملكية من عهد الانتداب البريطاني، وتقييدات قانونية واضحة تؤكد أن الأرض المتنازع عليها تعود ملكيتها لعائلات موكلينا. الاتفاقية التي تم توقيعها عام 1991 بين الدولة والبلدية، نُفذت بشكل مخالف للقانون، وتجاهلت بصورة متعمدة حقوق الملكية الخاصة، دون استشارة أصحاب الحقوق أو فتح إجراءات شفافة”.
” وأضاف: “هذه الدعوى ليست فقط لحماية حق العائلة المدعية، وإنما تمثل أيضًا اختبارًا حقيقيًا لمدى احترام الدولة ومؤسساتها لحقوق المواطنين العرب التاريخية، التي تم تجاهلها لعقود. نحن نؤمن بأن العدالة يمكن أن تعود حتى بعد مرور أكثر من سبعين عامًا، وهذه الدعوى قد تشكّل سابقة قضائية مهمة لكل من سُلبت أراضيه بطرق غير قانونية عبر الغش أو التزوير أو التسويات الإدارية الجائرة”.
وختم المحامي حسين زغيَّر تصريحه بالقول: “نحن رفعنا باسم موكلينا قضيه تاريخيه نطالب فيها بالاعتراف بالحق الشرعي لموكلينا بقطعه ارض مساحته تفوق المئة وخمس دونمات ونطالب المحكمة بإلغاء الاتفاقية الباطلة لكونها مخالفة للقانون والنظام العام، وتثبيت حقوق الورثة في الأرض، ومنع أي تصرف بها إلى حين صدور حكم نهائي يقر بحق الورثة (المدّعين) في الأرض، بصفتهم الخلفاء الشرعيين للمالكين المتوفين، كما نطالب بكشف كل المستندات والخرائط والمراسلات التي جرت حول هذه القسيمة، لأن الشفافية هي جزء لا يتجزأ من تحقيق العدالة ;أن المعركة طويلة، ولكنها قائمة على حق ثابت راسخ وقانون واضح، وتُشكل فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار لمفهوم العدالة العقارية والمساواة التقسيمية كما اسمها العظيم ارسطو، لا سيما في القرى العربية، التي طالما تم تجاهل حقوق اهلها بحجج إدارية أو سياسية، وسنخوضها حتى النهاية”.