المحامي الدكتور آفي شاكيد (55 عامًا)، صاحب مكتب قانوني متخصص في الجرائم الاقتصادية، وغسل الأموال، والجرائم المالية والضريبية، ومصادرة الممتلكات، يستعد خلال الأشهر القريبة لإصدار الجزء الثاني من كتابه “حظر غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، بعد أن نشر سابقًا الجزء الأول بعنوان “قانون حظر غسل الأموال”، وهو في الأصل أطروحته للدكتوراه التي تحولت إلى كتاب.
لماذا من المهم لك إصدار هذا الكتاب؟
يجيب الدكتور شاكيد:
“مكافحة غسل الأموال هي أحد التحديات المركزية في القانون الحديث. فهي تجمع بين الجوانب الجنائية والمدنية والتنظيمية والاقتصادية، وتمسّ تقريبًا كل مجال من مجالات التجارة والتمويل والمجتمع.
ظاهرة غسل الأموال – أي نقل ممتلكات مصدرها جريمة إلى نظام شرعي لتداول الأموال – تهزّ أسس الثقة العامة، وتضرّ باستقرار الأسواق، وتتيح للمجرمين تحقيق أرباح هائلة بينما يعملون ضد سيادة القانون”.
الجزء الثاني من الكتاب، “حظر غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، يأتي امتدادًا مباشرًا للجزء الأول الذي تناول تطوّر التشريعات والأسس القانونية وتفسير العناصر الجوهرية لجريمة غسل الأموال.
أما هذا الجزء الجديد، فيوسّع النظرة إلى السياقات الأوسع التي تعمل فيها هذه الجريمة، مثل: المؤسسات، والتنظيم، وصلاحيات المصادرة، والمسؤولية المدنية، والحيل القانونية، والتكنولوجيا المتقدمة، والتحقيقات الاقتصادية، وبشكل خاص تأثيرات تطبيق القانون الاقتصادي في عصر الذكاء الاصطناعي.
المنصات الاقتصادية الجديدة
يتألف الجزء الثاني من عشرات الفصول التي تُنظَّم بحسب المواضيع الرئيسية: بدءًا من الأسس المفاهيمية والإجرائية لجريمة غسل الأموال، مرورًا بالتحقيقات الاقتصادية ووسائل المصادرة والصلاحيات التنظيمية، ووصولًا إلى مسؤولية المسؤولين التنفيذيين والبنوك، فضلًا عن قضايا حديثة مثل غسل الأموال باستخدام العملات الرقمية، والتطبيقات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي، والحيل القانونية المتطورة لإخفاء الممتلكات.
ويقول المحامي شاكيد إن كل فصل يمكن قراءته بشكل مستقل، ولكن معًا تُشكّل الفصول إطارًا شاملًا للقانون الإسرائيلي في هذا المجال لعام 2025، وهي بمثابة “دليل عملي للقضاة والمحامين، بل وحتى إرشادات للهيئة المختصة بمكافحة غسل الأموال”.
كما يسعى الكتاب إلى صياغة العقيدة الإسرائيلية الخاصة بمكافحة غسل الأموال كما تبلورت في الأحكام القضائية والممارسات العملية، ومقارنتها بمعايير مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، وهي الهيئة التي أنشأتها دول مجموعة السبع عام 1989 لمكافحة غسل الأموال.
ويضيف الدكتور شاكيد أن هذا الجزء جاء أيضًا استجابة لطلبات من طلاب ومحامين لتحديث المعلومات حول التشريعات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وقبرص، في ظل المنصات الاقتصادية والرقمية الجديدة.
ويقول: “عملات الكريبتو وتقنية الذكاء الاصطناعي أوجدت أنماطًا جديدة من غسل الأموال”.
هل تتحدث هنا عن نوع جديد من الجريمة؟
“بل عن نوع جديد من تطبيق القانون، ووظائف جديدة، وأدوات جديدة ضمن قانون حظر غسل الأموال وهيئة مكافحة غسل الأموال. باختصار، هذا المجال أنشأ فرعًا جديدًا بالكامل”.
هل هناك اليوم قوانين لم يتم تحديثها بعد؟
“ليس فقط القوانين، بل أيضًا الأدوات القانونية والأحكام القضائية وأساليب غسل الأموال المتطورة. اليوم يمكن تحويل مليارات الشواقل عبر العملات الرقمية بضغطة زر، بعد أن كانت تحتاج في الماضي إلى حقائب مليئة بالنقود. إنها قصة كبيرة”.

هل نظام تطبيق القانون قادر أصلًا على مواجهة الجريمة الرقمية؟
“هناك تطور، لكنه ليس بنسبة مئة بالمئة. الشرطة لا تنخرط كفاية في هذه المجالات، بينما هيئة مكافحة غسل الأموال تساهم في ذلك. هناك فريق خبراء مكوّن من محامين ومحاسبين يعملون بتنسيق مباشر مع وحدة ‘لاهاف 433’ ويجرون التحقيقات.
بشكل عام، نحن اليوم في عالم مختلف تمامًا من حيث الجريمة. هذا الكتاب يجمع كل الأساليب التكنولوجية والخيارات القانونية لمواجهتها.
ورغم أننا أعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلا أننا متأخرون نسبيًا في الأحكام القضائية المرتبطة بقانون حظر غسل الأموال. النظام القانوني كله في هذا المجال يعيش اليوم في واقع جديد، إذ أصبحت الجريمة متطورة وذكية أكثر من أي وقت مضى.”





